ما بين الشوبينغ والشوفينغ..."كسوة العيد" لمن استطاع إليها سبيلاً
تشهد أسواق مدينة دمشق ازدحام بشري بالتزامن مع اقتراب عيد الفطر لشراء كسوة العيد، حيث انقسم زائرو الأسواق بين الشوبينغ من يشتري و"الشوفينغ" من كانت وجهته السوق ليجري نزهة ويطّلع على الأسعار.
ارتفاع جنوني في الأسعار
تصف علا "28 عاماً" الأسعار بالجنونية، فعقب جولتها بأسواق الحمراء والطلياني وجسر الأبيض تقول "وكأنني كنت أتجول في أسواق خارج البلاد بعيدة عن واقعنا الاقتصادي الذي نعيشه، حيث أن معظم الناس يطّلعون فقط على الأسعار من خارج المحال التجارية دون دخولهم إليها، فالأسعار المرتفعة حرمت الكثيرين شراء كسوة العيد".
بدورها بيّنت سمية وهي ربة منزل لديها ولدين شاب وفتاة، أن تكلفة شراء كسوة العيد للشخص الواحد (تقصد بها أحد الأولاد البالغ عمرهم 20 عاماً) تتجاوز 100 ألف، فبنطال الجينز الرجالي يبدأ سعره بـ 60 ألف ليرة وتكون نوعية قماشه عادية ليست جيدة كالتي كنا نشتريها بهذا المبلغ السنة الفائتة، والكنزة الرجالية تبدأ بـ 50 ألف ليرة، والأحذية الرجالية يمكنك أن تجد بسعر 40 ألف ليرة ولكن نوعية ليست جيدة وإذا أردت شراء حذاء "عليه القيمة" فأنت بحاجة 85 ألف ليرة لشراء حذاء نوعية جيدة.
وفي السياق ذاته، تحدثت "سمر. ع" خلال لقائنا بها في سوق شارع الحمراء، أنها تقوم بجولة في الأسواق لتغير الجو عن الجلوس في المنزل في ظل انقطاع الكهرباء، ولفتت إلى أن سعر الكنزة النسائية يبدأ من سعر 40 ألف ليرة، والخفافة النسائية 55 ألف وهي موديل قديم، والحقائب النسائية يبدأ سعرها بـ30 ألف ليرة ويتجاوز الـ60 ألف ليرة بحسب النوعية والحجم والمحل، وبنطال الجينز النسائي يبدأ بسعر 50 ألف ليرة والبنطال "الليغرا الشارلستون" بسعر 65 ألف ليرة، والقميص النسائي 50 ألف ليرة، والكنزات تبدأ بسعر 40 ألف ليرة.
هل نحتاج إلى "قرض للألبسة" لشراء كسوة العيد؟!
فيما يرى "رياض. خ" أنه يجب طرح قرض بعنوان "قرض الألبسة" ليتمكن المواطنون شراء الألبسة سواء كانت فترة أعياد أو مع الدخول بفصل الصيف أو الشتاء، أو حتى يجب أن يتم بيع الألبسة بالتقسيط على الراتب.
يُرجع سمير وهو صاحب أحد محال بيع الألبسة أسباب ارتفاع الألبسة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وأجور اليد العاملة وشراء المحروقات سواء لمولدات المحال أو معامل لإنتاج.
خروج الملابس من قائمة أولويات الإنفاق
بدوره قال الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية زياد غصن أن الملابس والأحذية تأتي في المرتبة الرابعة بين مجموعة استهلاك الأسرة السورية تبعاً لوسطي التضخم الشهري خلال العامين الأخيرين تقريباً، حيث سجلت وسطي تضخم شهري قدره 5.6%، إلا أن أسعارها تبقى مع ذلك مرهقة لشريحة واسعة من السوريين تعاني من تراجع كبير في القوة الشرائية.
وأوضح غصن أنه على أثر ذلك من الطبيعي خروج الملابس من قائمة أولويات الإنفاق للكثير من الأسر التي اضطرت إلى المفاضلة بين أولوياتها حتى بالنسبة للغذاء تحت ضغط الظروف المعيشية.
وأضاف غصن أن العوامل المسببة لارتفاع أسعار الملابس لا تخرج عن العوامل المسببة لارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات في البلاد، فإلى جانب تأثيرات انخفاض سعر الصرف وأثره على ارتفاع قيمة المستوردات من المواد الأولية الداخلة في صناعة الملابس، فإن ارتفاع تكاليف الإنتاج جاء إثر عدم توفر حوامل الطاقة بأسعار مدعومة وارتفاع كلف التشغيل والنقل والتسويق، والتكاليف غير المنظورة التي باتت تدفع في أماكن مختلفة، والأثر السلبي للسياسات الاقتصادية الحكومية من قبيل سياسة الجباية المالية والإجراءات الجمركية والفشل في محاصرة ظاهرة التهريب وتحكم السوق السوداء وما إلى ذلك من إجراءات وقرارات.
وأردف الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية أن كل هذه الأمور ساهمت في ارتفاع أسعار الملابس، حتى تلك التي تمتاز بمواصفات متدنية ورديئة وتنتج بعيداً عن الضوء، منوهاً إلى آلية السوق التي أفرزت تكاليف جديدة وهوامش ربح مرتفعة، وتابع غصن حديثه أنه يمكن ملاحظة أثر الغلاء على حركة الشراء في الأسواق المحلية، وعلى معروضات معظم المحلات التجارية، التي اضطر العديد منها إلى معاودة عرض سلعها ومنتجاتها المدورة من العام الماضي.
واختتم الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية زياد غصن إلى أنه تصبح المقارنة أكثر وضوحاً لو أُجريت بين أسعار الملابس في العام الماضي مثلاً وهذا العام رغم أن دخول المواطنين، لاسيما العاملين بأجر، لا تزال على حالها، لا بل إنها فقدتها جزءاً كبيراً من قيمتها الشرائية.
وتختلف الأسعار في السوق بين المحال العادية والماركات المسجلة والبسطات، فيما لا تختلف من ناحية جودة القطعة، حيث لوحظ تدني أصناف الأقمشة مؤخراً وعدم منطقية سعرها مع نوعيتها، ومع ذلك تشهد الأسواق ازدحاماً وحركة شراء لا بأس بها.
شام إف إم