كل ذلك للأسف غاب عن ذهن الوزير وخرج من الصندوق إلى صندوق لا علاقة له بالواقع.
الوزير السابق يشرح للوزير الحالي :
كتب د. عمرو سالم :
التفكير خارج الصندوق في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
شاهدت واستمعت إلى ما قاله وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في اجتماعه مع مدراء التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظات.
أول ما قاله الوزير أننا حققنا غرامات بمقدار تريليون ليرة لكن هذه الغرامات لم تخفض الأسعار، بل رفعتها.
وعزى الوزير ارتفاع الأسعار إلى آلية التسعير التي اعتبر أنها موجودة بحكم العادة.
وقد اعتمد في استنتاجاته على ما قاله السيد رئيس مجلس الوزراء، بأن الدولة لا تستطيع تسعير كل شيء.
للأسف، الوزير فكر من خارج الصندوق دون أن يعلم ماذا يوجد في الصندوق. وبالتالي هذا يسمى عبثية، لأن أول الحل، هو أن يفهم المسؤول ماذا لديه، ثم يحلله، ثم يأتي بحلول له.
المسؤول عن ارتفاع الأسعار:
• جزء منه الجمارك التي تحصل رسوم جمارك البضائع المستوردة بناءً على الاستعار الاسترشادية التي تصدر عن وزارة المالية. والمستوردون يخفضون فواتيرهم دون الواقع لكي لا يدفعوا الكثير. وبالتالي، عندما يقدم المستورد بياناته الجمركيَة إلى دائرة الاسعار في وزارة التجارة الداخلية، يتم التسعير بناءً عليها. وعندما طلبنا من المستوردين تقديم الفواتير الاصليَة غير المخفضة مع كافة النفقات التي تحدث عنها الوزير، تم سجن مديرين لدائرة الاسعار، ثم تبين براءتهما لأنهما طبقا المرسوم التشريعي ٨ بحذافيره والذي ينص على أن التسعير يتم بناءً على الكلف الحقيقية. بما فيها النقل وغيره. ولم يقبل الوزير السابق بعودتهما إلى العمل.
• الجزء الآخر سببه المصرف المركزي الذي يجعل المستورد يسدد قيمة بضاعته مرتين ويطيل مدة استرجاع رأس المال.
• والجزء الثالث هو الضرائب التي لا تراعي الربح الحقيقي، بل هي تأخذ رقم الأعمال الإجمالي للتاجر أو الصناعي، وتقدر ربحه تقديراً غير قابل للطعن. ولا باخذ بعين الاعتبار تكاليف النقل الحقيقية ولا المحروقات التي لا يحصل عليها المصنع أو المتجر إلا بسعر السوق السوداء. وهو تقدير بشري تفرض الضريبة على أساسه.
وكل ذلك يحمله المستورد على كلفته محقَاً.أما التريليون ليرة من الغرامات التي تحدث عنها، فالأغلبية الساحقة منها هي غرامات سرقة دقيق أو خبز أو محروقات، ولا اظن السيد الوزير يريد عدم فرض غرامات على السرقة.
كل ما سبق طرحته وزارة التجارة الداخلية مراراً وتكراراً في مجلس الوزراء. مع بيان اسبابه وحلوله التي رفض وزير المالية السابق الأخذ بها. وحتى موضوع تحويل الدعم إلى نقدي. وهو امر نسبه وزير الشؤون الاجتماعية والعمل إلى نفسه، مع أنه نفسه الذي طرحته وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قبل ان يكون وزير شؤون اجتماعية.
والامر الذي لم يعلمه الوزير هو أن تسعير وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك هو فقط للمواد الأساسية التي تمس طاولة المواطن التي تحدث عنها الوزير.
ومع انه والسيد رئيس مجلس الوزراء طرحا فكرة عندم إصدار تسعيرة، فألفت نظر الوزير أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك حلت هذه المشكلة.
ويستطيع الوزير طلبه من الوزارة أو مجلس الوزرا للاطلاع عليه.
وبنا أن وزارة التجارة الداخلية كانت تعلم تماما بمشاكل التسغير سابقة الذكر، وبما أن الجهات الأخرى لم تستجب لها، فقد قامت بإصدار تعميمين يوقفا العمل بنشرة الأسعار ويقبلا بالفواتير المقدمة للمالية. ويلزمان التجار والصناعيين بالإعلان عن الأسعار. وعند تطبيقهما انخفضت الاسعار وتواجدت المواد.
لكن وللاسف تم تجميد التعميمين بالسر بعد نيسان ٢٠٢٣ وبشكل غامض.
لذلك أقول أن المسؤول يجب أن يعلم ما لديه قبل أن يطرح الحلول دون معرفة المشاكل.
وعليه ان يسأل لماذا توقف العمل بهذين التعميمين وأسباب إيقافهما مما سمح بعشوائية الأسعار والرشاوى.
وهذه صور التعاميم التي حلت مشكلة الأسعار والفواتير الوهمية.
وإذا لم تعالج مشكلة الجمارك والضرائب وتمويل المستوردات فلن تنخفض الأسعار مهما حاول الوزير تجميلها.
لذلك يجب على الوزير الاطلاع على جميق القرارات والتعاميم والقوانين الناظمة لعمل وزارته قبل طرح الحلول. والحديث عن انه لم يكن هناك تجار قبل أربعين عاماُ. وهو كلامٌ غير صحيح، بل العكس هو الصحيح.